غالب عبابنة مبتدىء
العمر : 74 العمل/الترفيه : متقاعد مدني وخطيب متطوع تاريخ التسجيل: : 19/08/2014
| موضوع: وقفة مع آية أحل لكم ليلة الصيام الثلاثاء 19 أغسطس 2014, 9:48 am | |
| وقفة مع آية أحل لكم ليلة الصيام قال تعالى (( أٌحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفى عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم ّ أتمّوا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون )) 187 \ البقرة يبين الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات1 ـ بأن الله سبحانه وتعالى قد أحل ( الرفث ) أي مباشرة الزوج لزوجته في ليلة الصيام فقد جعل الله كلاً منهما ستراً لصاحبه ينكشف عليها وتنكشف عليه فكأن كلاً منهما لباس لصاحبه 2 ـ أن الله سبحانه وتعالى قد علم أنكم تخونون أنفسكم وتوقعونها في الظلم بمباشرة النساء في ليالي رمضان , وأن الله سبحانه وتعالى قد تاب عليكم وعفا عنكم فلم يؤاخذكم بما فعلتم ويعاقبكم عليه بل تجاوز عما فعلتموه والآن جعله حلالاً لكم فلا آثم في مباشرة النساء في ليل الصوم , وقد جاء في الدر المنثور \تفسير الطبري أن أبو هريرة قال : كان المسلمون إذا صلوا العشاء الآخرة حرم عليهم الطعام والشراب والنساء حتى يفطروا , وأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أصاب أهله بعد صلاة العشاء وأن صرمة بن قيس غلبته عينه بعد صلا المغرب فنام ولم يستيقظ حتى صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء فقام فأكل وشرب , فلما أصبح أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك فأنزل الله سبحانه وتعالى (( أٌحل لكم ليلة الصيام ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم )) تختانون أنفسكم : أي تخنون أنفسكم وتظلمونها بالجماع في ليل الصيام باشروهن : أي جامعوهن في ليالي الصيام وهو أمر إباحة وابتغوا ما كتب الله لكم : أي اطلبوا ما قسم الله لكم من الولد , فالمباشرة لا تكون لقضاء الشهوة وحدها بل لابتغاء ما وضع النكاح لأجله وهو التناسل , قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود والنسائي وغيرهم (( تناكحوا تناسلوا فأني مفاخر بكم الأمم يوم القيامة )) 3 ـ يبين الله سبحانه وتعالى متى يجب أن نمسك عن الطعام والشراب ومباشرة النساء بقوله سبحانه وتعالى (( حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر )) أي إلى طلوع الفجر الصادق وهو البياض عند الأفق على شكل خيط أفقي فيفرق بين الليل والنهار , وقبل ظهور هذا البياض على شكل أفقي يكون قد ظهر بياض على شكل خط عمودي عند الأفق وهو ما يسمى بالفجر الكاذب , والطعام والشراب والمباشرة لا تنتهي بهذا الفجر الكاذب بل بطلوع الفجر الصادق . عن عدي بن حاتم قال : لما نزلت هذه الآية (( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود )) عمدت إلى عقالين أحدهما أسود والأخر ابيض فجعلتهما تحت وسادتي , قال فجعلت أنظر إليهما فلما تبين لي الأبيض من الأسود أمسكت فلما أصبحت غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بالذي صنعت فقال : ((إن وسادك إذن لعريض إنما ذلك بياض النهار من سواد الليل )) رواه البخاري ومسلم وغيرهم وسادك عريض : كناية عن كثرة النوم , لأن من عرض وساده طاب نومه ثم بين سبحانه وتعالى بعد ذلك ( من الفجر ) كما روى البخاري في صحيحة عن سهل بن سعد فكانت بياناً للمجمل (( الخيط الأبيض من الخيط الأسود )) 4 ـ ((ثم أتموا الصيام إلى الليل )) يطلب الله سبحانه وتعالى أن تتم الصيام إلى الليل ويعني ذلك أن يدخل جزء من الليل ولو يسير لأن النهار متصل بالليل , فحتى يكمل صيام النهار لا بد من تلامس بين النهار والليل , وهذا يعني بدء الليل حتى يصح الفطر (( إذا أدبر النهار من هنا وأقبل الليل من هنا فقد أفطر الصائم )) رواه البخاري ومسلم ومن هنا كانت القاعدة (( ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب )) فلا يمكن أن يكتمل النهار دون دخول جزء ولو يسير من الليل لملامسته له , ولذلك قالوا (( الغايا تدخل في المغّيا )) وعلى نحو هذا قوله تعالى (( فاغسلوا وجوهكم وأيدكم إلى المرافق )) المائدة 6 فلا يمكن أن أن تغسل اليد إلى المرفق إلا بدراجل جزء من المرفق في الغسل ولو كان يسيراً 5 ـ ثم يبين الله سبحانه وتعالى حكماً أخر وهو استثناء المباشرة في ليل الصوم للمعتكف فبعد أن ذكر الله سبحانه وتعالى إباحة مباشرة النساء في ليل الصيام بين أن هذا لا يشمل المعتكف فيحرم عليه الجماع ما دام معتكفاً إلى أن يقضي اعتكافه , وقد كان بعض المسلمين وهم معتكفون في المسجد يخرجون إلى بيوتهم فيباشر الواحد منهم امرأته ثم يغتسل ويرجع إلى المسجد لإكمال اعتكافه فنزلت الآية تحرم عليهم ذلك ما دام لم يقضي مدة اعتكافه (( وأنتم عاكفون في المساجد )) أي وأنتم معتكفون فيها , والاعتكاف في اللغة الاحتباس ولزوم المكان وفي الشرع لزوم المسجد لأعمال مخصوصة . وتقيد الاعتكاف في المسجد كما في الآية يدل على أن الاعتكاف لا يكون إلا في المسجد لكن هذا الشرط في الاعتكاف لا يشمل النساء فالخطاب للرجال ولا يشمل النساء بالتغليب لأن القرينة خصته للرجال وهي (( ولا تباشروهن )) وهذا يعني أن (( وأنتم عاكفون في المساجد )) خطاب للرجال على الحقيقة لا يشمل النساء وعليه لا يشترط المسجد لاعتكاف المرأة بل تعتكف في بيتها . وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من شهر رمضان حتى توفاه الله عز وجل ثم اعتكف أزواجه من بعده فالاعتكاف في شهر رمضان من السنة فيه أجر عظيم 6 ـ ثم يختم الله سبحانه وتعالى الآية ببيان أن أحكام الصيام التي ذكرت هي حدود الله أي كأنها حواجز بين الحق والباطل فمن تجاوزها دخل في دائرة الباطل , وقوله سبحانه وتعالى (( فلا تقربوها )) دليل على شدة المنع من الوقوع فيما حرمه الله فإن النهي عن الاقتراب منها نهي شديد عن مواقعتها , كما بين الله سبحانه وتعالى أحكام الصيام وحددها بحدود لا يصح تجاوزها , كذلك بين الله تعالى جميع الأحكام المتعلقة بشؤون الناس وجعل في إتباعها وقلية من غضب الله وعذابه طريقاً إلى رضوان الله ونعيمه (( كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون )) هذا والله سبحانه وتعالى أعلم فهو الموفق للصواب واليه المرجع المآب | |
|